• تفاؤل سعودي تجاه نمو الطلب الآسيوي يرفع أسعار النفط .. وتعهد عراقي بخفض الإنتاج

    11/08/2020

     أسامة سليمان من فيينا

    استلهت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع الجاري على مكاسب جديدة بثها التفاؤل السعودي بنمو الطلب الآسيوي، وذلك بالتزامن مع تعهد العراق بتعويض التقصير في الالتزام بتخفيضات الإنتاج بدءا من الشهر الجاري، إضافة إلى جهود "أوبك+" بشكل عام في تقييد المعروض النفطي.
    ويكبح المكاسب السعرية الضغوط الهائلة، التي يتعرض لها الاقتصاد الأمريكي جراء تسارع الإصابات بفيروس كورونا وضعف الطلب على الوقود والمخاوف من استمرار حالة الإغلاق في بعض الولايات.
    وقال لـ"الاقتصادية" مختصون ومحللون نفطيون، إن بيانات "أرامكو" عن تعافي الطلب الآسيوي أسهمت كثيرا في تحسين معنويات السوق وتقليل تركيز الأنظار على مخاطر كورونا المستمرة منذ عدة أشهر، وقد ساعد على التطور الإيجابي في الأسواق تقديم العراق أقوى التزام له حتى الآن بتنفيذ تخفيضات كبيرة في إنتاج الخام، وذلك في أعقاب اتصالات سعودية عراقية على مستوى وزيري النفط والطاقة.
    وعد المختصون أن صدور هذه التعهدات عن ثاني أكبر منتج في "أوبك" يعد خطوة إيجابية طال انتظارها لتصحيح الأداء بين المنتجين وتعزيز التزامهم بخطة خفض الإنتاج، لافتين إلى أن هذا التعهد رفع المعنويات الإيجابية في السوق، حيث يعد بمنزلة خطوة مهمة في طريق الوفاء بحصص إنتاج النفط.
    وذكر المختصون أن السوق تترقب عقد وزراء "أوبك+" اجتماعا عبر الإنترنت الأسبوع المقبل لمراجعة استراتيجية العمل المشترك في ضوء مستجدات السوق، خاصة بعدما سيطرت قضية ضعف الامتثال على الاجتماعات الوزراية الأخيرة، إضافة إلى استعراض وضع المخزونات النفطية وتفاعلات العرض والطلب وقضايا الاستثمار وأمن الإمدادات.
    وقال روبرت شتيهرير، مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، إن بداية تعاملات الأسبوع إيجابية للغاية، خاصة في ضوء البيانات الواعدة، التي أطلقتها شركة أرامكو العملاقة حول وضعية الطلب الآسيوي، ما يعزز الآمال في استعادة التوازن والاستقرار في السوق على الرغم من الضغوط الهائلة الناجمة عن الجائحة، التي أضرت بالاقتصاد الأمريكي على نحو واسع ومن ثم بالاقتصاد العالمي، خاصة أنها تتواكب مع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين في عديد من الملفات.
    وأضاف أنه لا يمكن إنكار نجاح تحالف "أوبك+" والضغوط الإيجابية، التي يحث من خلالها المنتجون على تحقيق امتثال أعلى باتفاق خفض الإنتاج، وقد بدأت هذه الضغوط في النجاح من خلال الحصول على تعهدات عراقية جادة بتنفيذ حصص خفض الإنتاج المطلوبة علاوة على تعويض التقصير السابق في الشهور الأولى من انطلاق خطة معالجة تداعيات جائحة كورونا.
    من جانبه، أوضح ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، أن الاتصالات الناجحة، التي تمت بين الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة ونظيره العراقي وزير النفط إحسان عبد الجبار، أسهمت في تقريب المسافات ودعم التوافق على العمل المشترك من أجل مصلحة استقرار السوق، خاصة مع موافقة العراق على تصحيح الالتزام المتعثر في السابق.
    وذكر أن الأداء العراقي السابق كان ضعيفا، خاصة في شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو) الماضيين، حيث تم تخفيض الإنتاج بنحو 11 ألف برميل فقط يوميا، مشيرا إلى أنه وفقا للتفاهمات السعودية - العراقية الأخيرة سيقوم العراق بخفض بمقدار 400 ألف برميل إضافية يوميا في آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر)، بالإضافة إلى التزام سابق بخفض 850 ألف برميل يوميا في كل شهر، الأمر الذي يعد تطورا إيجابيا للغاية، حيث أسهم في رفع أسعار النفط للأسبوع الجديد مع مكاسب جيدة.
    من ناحيته، قال أندرو موريس مدير شركة "بويري" الدولية للاستشارات، إن دعم التوازن في السوق في ظل المرحلة الراهنة المليئة بالضغوط الهبوطية الحادة هي مهمة صعبة، ولكن ليست مستحيلة، خاصة أن تكتل "أوبك+" نجح منذ تدشينه في 2016 في تجاوز دورة اقتصادية صعبة ويجتاز الأخرى حاليا بخطوات جيدة، خاصة مع نجاحه في تطبيق تخفيضات قياسية تبلغ 9.7 مليون برميل يوميا على مدار الشهور الثلاثة الماضية ومستمر في المنهج نفسه بعد تخفيف قيود الخفض على نحو محدود.
    وذكر أنه بحسب نتائج الاتصالات السعودية - العراقية فقد جاءت المباحثات جيدة وناجحة، إذ شدد الجانبان على دعم جهود دول "أوبك+" من خلال وفاء العراق بتخفيضات الإنتاج والتخفيضات الإضافية بما يعزز استقرار سوق النفط، ويساعد على تسريع إعادة التوازن لأسواق النفط العالمية، إضافة إلى إرسال إشارات إيجابية إلى السوق.
    بدورها، ذكرت نايلا هنجستلر، مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، أن "أوبك+" تسعى إلى تعزيز الجوانب الإيجابية في السوق لكي تجتاز بخطى أسرع تداعيات الأزمة الراهنة، حيث أكد التكتل أخيرا أن هناك بوادر مشجعة على التعافي في الاقتصاد العالمي، كما أشاد بالجهود، التي تبذلها الدول في جميع أنحاء العالم لإعادة فتح اقتصاداتها بطريقة آمنة.
    ولفتت إلى أن "أوبك+" حققت نتائج إيجابية للغاية حتى الآن وسط تطور تعاونها المشترك، خاصة منذ أقدمت على إجراء تخفيضات قياسية في الإنتاج لتعويض خسارة الطلب الناجمة عن أزمة فيروس كورونا، مشيرة إلى أن هذه الاستراتيجية أتت ثمارها، حيث ضاعفت أسعار النفط الخام ثلاث مرات من أدنى مستوى لها منذ عقدين في أواخر نيسان (أبريل) إلى نحو 45 دولارا للبرميل حاليا.
    وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط أمس، مدعوما بتفاؤل سعودي حيال الطلب الآسيوي وتعهد عراقي بتعميق تخفيضات المعروض، لكن عدم التيقن بشأن اتفاق لتدعيم تعافي الاقتصادي الأمريكي حد من المكاسب‮.‬‬
    وبحسب "رويترز"، فإنه بحلول الساعة 06:41 بتوقيت جرينتش، كانت العقود الآجلة لخام برنت مرتفعة 34 سنتا بما يعادل 0.8 في المائة إلى 44.74 دولار للبرميل، في حين تقدمت عقود الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 47 سنتا أو 1.1 في المائة مسجلة 41.69 دولار‮.‬‬
    كان كلا الخامين انخفض يوم الجمعة الماضي، متأثرا ببواعث القلق إزاء الطلب، لكن برنت ختم الأسبوع مرتفعا 2.5 في المائة، في حين صعد غرب تكساس 2.4 في المائة‮.‬‬
    وقال مايكل مكارثي، استراتيجي السوق لدى "سي.إم.سي ماركتس"، "تعليقات نهاية الأسبوع من أرامكو هي المحرك حاليا‮".‬‬
    كان أمين الناصر الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية قال ‮أمس الأول‬ إنه يلحظ انتعاش الطلب في آسيا مع إعادة فتح الاقتصادات تدريجيا عقب إغلاقات مكافحة فيروس كورونا‮.‬‬‬
    وقال مكارثي "رسم صورة مزهرة للنظرة المستقبلية للطلب في المنطقة الآسيوية‮".‬‬
    وعلى صعيد المعروض، قال العراق الجمعة إنه سيخفض إنتاجه النفطي 400 ألف برميل يوميا أخرى في آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) للتعويض عن إنتاج فوق المستهدف في الأشهر الثلاثة الأخيرة، ما سيساعده على الالتزام بنصيبه من تخفيضات منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها، في إطار مجموعة "أوبك‮+".‬‬
    من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 44.87 دولار للبرميل الجمعة الماضي مقابل 45.17 دولار للبرميل في اليوم السابق.
    وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني تراجع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو دولار واحد، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي والذي سجلت فيه 43.02 دولار للبرميل.

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية